responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 113
قُلْتُ: وَقَدِ احْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى بِأَنَّ السَّلَامَ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّحِيَّةُ إِنَّمَا خُصَّ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، لِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى أُمَّتِي ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَ أَحَدًا قَبْلَهُمُ السَّلَامَ وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ) الْحَدِيثَ، ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ، وَقَدْ مَضَى فِي الْفَاتِحَةِ [1] بِسَنَدِهِ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ:" سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي". وَارْتَفَعَ السَّلَامُ بِالِابْتِدَاءِ، وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ نَكِرَتِهِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ مُخَصَّصَةٌ فَقَرَنَتِ الْمَعْرِفَةَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا): الْحَفِيُّ الْمُبَالِغُ فِي الْبِرِّ وَالْإِلْطَافِ، يُقَالُ: حَفِيَ بِهِ وَتَحَفَّى إِذَا بَرَّهُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ يُقَالُ: حَفِيَ بِي حِفَاوَةً وَحِفْوَةً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:" إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا" أَيْ عَالِمًا لَطِيفًا يُجِيبُنِي إِذَا دَعَوْتُهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَعْتَزِلُكُمْ): الْعُزْلَةُ الْمُفَارَقَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْكَهْفِ" [2] بَيَانُهَا. وقوله: (عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) قِيلَ: أَرَادَ بِهَذَا الدُّعَاءِ أَنْ يَهَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَهْلًا وَوَلَدًا يَتَقَوَّى بِهِمْ حَتَّى لَا يَسْتَوْحِشَ بِالِاعْتِزَالِ عَنْ قَوْمِهِ. وَلِهَذَا قَالَ: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أَيْ آنَسْنَا وَحْشَتَهُ بِوَلَدٍ، عن ابن عباس وغيره. وقيل:" عيسى" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْطَعُ بِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَمْ لَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَقِيلَ: دَعَا لِأَبِيهِ بِالْهِدَايَةِ. فَ" عَسَى" شَكٌّ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهِ أَمْ لَا؟ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَقَوْلُهُ: (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) 50 أَيْ أَثْنَيْنَا عَلَيْهِمْ ثَنَاءً حَسَنًا، لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِلَلِ تُحْسِنُ الثَّنَاءَ عليهم. واللسان يذكر ويؤنث، وقد تقدم [3].

[سورة مريم (19): الآيات 51 الى 53]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (51) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (53)

[1] راجع ج 1 ص 130.
[2] راجع ج 10 ص 367.
[3] راجع ج 1 ص 121.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست